[center]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام علي من لا نبي بعده ,
أما بعد...
عباد الرحمن يتسمون بالتواضع
هي الصفة الاولي التي وصف الله بها عباد الرحمن
( وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا )
يقول العلامة السعدي في تفسير :
" يمشون على الأرض هونا "
أي : ساكنين متواضعين لله ، وللخلق ، فهذا وصف لهم ، بالوقار ، والسكينة ، والتواضع لله ، ولعباده .
الاعراض عن الجاهلين
" وإذا خاطبهم الجاهلون "
أي : خطاب جهل ، بدليل إضافة الفعل ، وإسناده لهذا الوصف ،
" قالوا سلاما "
أي : خاطبوهم خطابا يسلمون فيه ، من الإثم ، ويسلمون من مقابلة الجاهل
بجهله . وهذا مدح لهم ، بالحلم الكثير ، ومقابلة المسيء بالإحسان ، والعفو
عن الجاهل ، ورزانة العقل الذي أوصلهم إلى هذه الحال .
عباد الرحمن قوامين لليل
" والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما "
أي : يكثرون من صلاة الليل ، مخلصين فيها لربهم ، متذللين له ، كما قال تعالى :
" تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا
ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا
يعملون "

عباد الرحمن اساتذه في الخوف و الخشية
" والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم "
أي : ادفعه عنا ، بالعصمة من أسبابه ، ومغفرة ما وقع منا ، مما هو مقتض للعذاب .
" إن عذابها كان غراما "
أي : ملازما لأهلها ، بمنزلة ملازمة الغريم لغريمه .
" إنها ساءت مستقرا ومقاما "
وهذا منهم ، على وجه التضرع لربهم ، وبيان شدة حاجتهم إليه ، وأنهم ليس في
طاقتهم احتمال هذا العذاب ، وليتذكروا منة الله عليهم ، فإن صرف الشدة ،
بحسب شدتها وفظاعتها ، يعظم وقعها ويشتد الفرح بصرفها .
عباد الرحمن يتقون الله في اموالهم
والذين إذا أنفقوا " النفقات الواجبة والمستحبة
" لم يسرفوا " بأن يزيدوا على الحد ، فيدخلوا في قسم التبذير ، وإهمال الحقوق الواجبة ،
" ولم يقتروا " فيدخلوا في باب البخل والشح
" وكان " إنفاقهم بين الإسراف والتقتير
" قواما " يبذلون في الواجبات من الزكوات ،
والكفارات ، والنفقات الواجبة ، وفيما ينبغي ، على الوجه الذي ينبغي ، من
غير ضرر ولا ضرار ، وهذا من عدلهم واقتصادهم .

عباد الرحمن يعبدون الله حق عبادته و يجتنبون الفواحش
" والذين لا يدعون مع الله إلها آخر "
بل يعبدونه وحده ، مخلصين له الدين ، حنفاء ، مقبلين عليه ، معرضين عما سواه .
" ولا يقتلون النفس التي حرم الله " وهو نفس المسلم ، الكافر المعاهد ،
" إلا بالحق " كقتل النفس بالنفس ، وقتل الزاني المحصن ، والكافر الذي يحل قتله .
" ولا يزنون " بل يحفظون فروجهم
" إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " عباد الرحمن لا يشهدون الزور ابدا
" والذين لا يشهدون الزور "
أي : لا يحضرون الزور ، أي : القول والفعل المحرم ، فيجتنبون جميع المجالس ،
المشتملة على الأقوال المحرمة ، أو الأفعال المحرمة ، كالخوض في آيات
الله ، والجدال الباطل ، والغيبة ، والنميمة ، والسب ، والقذف ،
والاستهزاء ، والغناء المحرم ، وشرب الخمر ، وفرش الحرير ، والصور ، ونحو
ذلك . وإذا كانوا لا يشهدون الزور ، فمن باب أولى وأحرى ، أن لا يقولوه
ويفعلوه . وشهادة الزور داخلة في قول الزور ، تدخل في هذه الآية بالأولوية
،
عباد الرحمن لا يلتفتون للغو
" وإذا مروا باللغو "
وهو الكلام الذي لا خير فيه ، ولا فيه فائدة دينية ، ولا دنيوية ، ككلام السفهاء ونحوهم
" مروا كراما "
أي : نزهوا أنفسهم ، وأكرموها عن الخوض فيه ، ورأوا أن الخوض فيه ، وإن كان
لا إثم فيه ، فإنه سفه ونقص للإنسانية والمروءة ، فربؤوا بأنفسهم عنه .
وفي قوله :
" وإذا مروا باللغو "
إشارة إلى أنهم لا يقصدون حضوره ، ولا سماعه ، ولكن عند المصادفة ، التي من غير قصد ، يكرمون أنفهسم عنه .