[center]
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، قائد الغر المحجلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :



فنسأل
الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ، وأن يعيد علينا رمضان
أعواماً عدة ، وأزمنة متعاقبة ، ونحن وإياك نرفل في ثوب الإيمان والصحة في
حياة سعيدة ونفوس مطمئنة .


[size=21]أخي المسلم :

هذه وقفات نقفها نحن وإياك في العيد مع نفوسنا ، لعلنا أن نستلهم منها روحاً تبقى ريانة بالإيمان بعد رمضان .




المراجعة الأولى : وقفة محاسبة :
أخي
الكريم : جدير بكل مسلم يخاف الله تعالى أن يقف مع نفسه بعد هذا الشهر
الكريم ليحاسبها ، فمحاسبة النفس من أنجع الأدوية بإذن الله لإصلاح القلوب
وحثها على الخير ، وها نحن قد ودعنا رمضان المبارك بأيامه الجميلة
ولياليه العطرة الفواحة بالروحانية ، ودعناه ومضى ، ولا ندري هل سندركه في
عام قادم أم ستنتهي آجالنا دونه ؟

ودعناه ومضى وصرنا مرتهنين بما أودعناه من خير أو شر .



- فهل تخرجنا من هذا الشهر العظيم بوسام التقوى ؟
-
هل عودنا أنفسنا على الصبر والمصابرة ، ومجاهدة النفس على فعل الطاعة
وترك المعصية ابتغاء رضوان الله فانتصرنا عليها ، وكبحنا جماحها فصارت
نفوساً مستسلمة لله رب العالمين ؟



- هل رحمنا الفقير فواسيناه بعدما ذقنا شيئاً مما يذوقه من الجوع والعطش ؟
-
هل ربينا فيه أنفسنا علىالجهاد بأنواعه وهل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا
وانتصرنا عليها ؟ أم غلبتنا العادات والتقاليد السيئة ؟ هل سعينا إلى العمل
بأسباب الرحمة والمغفرة والعتق من النار ؟

-
هل نقينا قلوبنا من الغل والحسد والبغضاء والشحناء لإخواننا المسلمين
وفتحنا معهم صفحات بيضاء ملؤها المحبة والتواصل والرأفة والمواساة ؟

- هل وهل وهل … أسئلة كثيرة تحتاج منا إلى جواب ( عملي ) .




المراجعة الثانية : واعبد ربك حتى يأتيك اليقين :
يجب
أن يكون العبد مستمراً على طاعة الله ، ثابتاً على شرعه ، مستقيماً على
دينه لا يروغ روغان الثعالب يعبد الله في شهر دون شهر .. أو في مكان دون
آخر .. أو مع قوم دون آخرين .. لا .. وألف لا !!

بل يعلم أن رب رمضان هو رب بقية الشهور والأيام ، وأنه رب الأزمنة والأماكن كلها ، فيستقيم على شرع الله حتى يلقى ربه وهو عنه راض .
قال تعالى { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك } [هود:112]
وقال عز وجل { فاستقيموا إليه واستغفروه } [فصلت:6]
وقال صلى الله عليه وسلم « قل آمنت بالله ثم استقم » رواه مسلم
- فلئن انتهى صيام رمضان فهناك صيام النوافل كالست من شوال والإثنين والخميس والأيام البيض وعاشوراء وعرفة وغيرها .
- ولئن انتهى قيام رمضان فقيام الليل مشروع في كل ليلة { كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون } [الذاريات:17]
- ولئن انتهت صدقة وزكاة الفطر ، فهناك الزكاة المفروضة ، وهناك أبواب للصدقة والتطوع والجهاد كثيرة ومفتوحة .
- وقراءة القرآن وتدبره ليست خاصة برمضان بل هي في كل وقت .
-
وهكذا فالأعمال الصالحة في كل وقت وكل زمان فاجتهد أخي في الطاعات ..
وإياك والكسل والفتور ، فإن لم تستطع العمل بالنوافل فلا يجوز لك أبداً أن
تترك الواجبات وتضيعها كالصلوات الخمس في أوقاتها ومع الجماعة وغيرها .

ولا أن تقع في المحرمات من قول الحرام ، أو أكله ، أو شربه ، أو النظر إليه واستماعه .
فالله الله بالإستقامة والثبات على الدين في كل حين فلا تدري متى يلقاك ملك الموت فاحذر أن يأتيك وأنت على معصية
فاللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك .




المراجعة الثالثة : إياك إياك :
- إياك أخي أن تنقض غزلك وتنكث توبتك وتخلف عهدك مع الله تعالى ،
وتهدم بناء التقوى الذي بنيته بلبنات الطاعة في هذا الشهر الكريم بمعول المعصية والذنب .
- إياك أن تستبدك تلاوة القرآن الكريم وسماعه بسماع صوت الشيطان ( الغناء ) ومشاهدة الأفلام والمسلسلات الساقطة .
- إياك وهجر القرآن بعد أن جعلته صاحباً لك في هذا الشهر العظيم وأنعم به من صاحب .
- إياك ونسيان ربك بعد أن فتح لك أبواب رحمته في هذا الشهر الكريم .




المراجعة الرابعة : علامة القبول :
- اعلم يرعاك الله أن من علامة قبول الطاعة : الطاعة بعدها ومن علامة ردها : المعصية والإعراض بعدما
فسل نفسك ! وانظر في حالك { وما يلقاها إلا ذو حظ ٍ عظيم }
فضائل صوم 6 شوال

الحمد لله المتفضِّل بالنِّعم، وكاشف الضرَّاء والنِّقم، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله وأصحابه أنصار الدين. وبعد:

أخي المسلم: لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس.

ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية.
لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً.
والصوم
من تلك العبادات التي تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها..
لذلك فإن شهر رمضان موسماً للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب.

وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى.
وصيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.
وقد أرشد صلى الله عليه وسلم أمته إلى فضل الست من شوال، وحثهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيام..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر» [رواه مسلم وغيره].
قال
الإمام النووي رحمه الله: ” قال العلماء: وإنما كان كصيام الدهر، لأن
الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين.. “.

ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: ” قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً “.
أخي
المسلم: صيام هذه الست بعض رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى على
توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات،
ورغبة في المواصلة في طريق الصالحات.

قال
الحافظ ابن رجب رحمه الله: ” فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان
بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً “.

أخي المسلم: ليس للطاعات موسماً معيناً، ثم إذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى المعاصي!
بل إن موسم الطاعات يستمر مع العبد في حياته كلها، ولا ينقضي حتى يدخل العبد قبره..
قيل لبشر الحافي رحمه الله: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: ”
بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد
ويجتهد السنة كلها “.

أخي المسلم: في مواصلة الصيام بعد رمضان فوائدعديدة، يجد بركتها أولئك الصائمين لهذه الست من شوال.
وإليك هذه الفوائد أسوقها إليك من كلام الحافظ ابن رجب رحمه الله:
إن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله.
إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها،
فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم
القيامة.. وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره من
الأعمال.

إن
معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى
إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ” ثواب الحسنة
الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على
قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد
الحسنة وعدم قبولها “.

إن
صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، كما سبق ذكره، وأن الصائمين
لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام
بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، كان النبي
صلى الله عليه وسلم يقوم حتى تتورّم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر
الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟! فبقول: «أفلا أكون عبداً شكورا».

وقد
أمر الله سبحانه وتعالى عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير
ذلك من أنواع شكره، فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ
اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185] فمن
جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان، وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه
أن يصوم له شكراً عقيب ذلك.

لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس.

ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية.

[size=21]لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً.
[/size]
[/size]