[center]مبدأ العلم والبحث العلمي أول ما نزل به القرآن العظيم .
قال تعالى في سورة العلق :


اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ – 1 خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ – 2
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ – 3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ – 4 عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ – 5


إن المدخل الأول للتعلم هو القراءة , (
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) .
وإن المدخل الأول للبحث العلمي هو النظر في الحقائق الموجودة في واقع الحياة (
خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ )...
وإن المدخل الأول لكلا الأمرين تعلم الكتابة والوسيلة التي تكتب (القلم)
والمعلم, لأن العلم مكتسب ولا يولد مع الإنسان , لا بد من معلم ووسيلة
للكتابة.. ولذك كان التعلم لأب البشر أدم عليه السلام . قال تعالى في سورة
البقرة :
وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ....
فمن أهم مقومات الحضارة في الإسلام " العلم والبحث العلمي " فهو المقدمة الأولى لبناء الصرح الحضاري .
والعلماء ورثة الأنبياء كما ورد في الحديث الشريف : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من سلك طريقا يطلب فيه علما ، سلك الله به
طريقا من طرق الجنة ، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ،
وإن العالم ليستغفر له من في السموات ، ومن في الأرض ، والحيتان في جوف
الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب
، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء ، لم يورثوا دينارا ، ولا
درهما ، إنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر...

الراوي: أبو الدرداء المصدر: صحيح الجامع للألباني


وأن الذين يخافون الله تعالى هم العلماء لما يرونه من حقائق مزهلة في عالم
الإنسان والحيوان والنبات والجماد وفي مجرات النجوم والكوكب والأقمار وفي
الذرة وفي البحار والأنهار.


قال تعالى:
إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ -28 فاطر


*******


العلم من أهم صفات من نزل عليهم القرآن العظيم
قال تعالى: في أول سورة فصلت:


حم – 1 تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - 2 كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – 3


﴿
قُرْآنًا عَرَبِيًّا ﴾ أي: باللغة الفصحى أكمل اللغات، فصلت آياته وجعل عربيًا. ﴿ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ أي: لأجل أن يتبين لهم معناه، كما تبين لفظه، ويتضح لهم الهدى من الضلال، والْغَيِّ من الرشاد.....


وقد حافظ القرآن العظيم على اللغة العربية ونشرها في ربوع الأرض وجعلها من
اللغات الحية في العالم.. وقد استوعبت اللغة العربية جميع علوم الأرض ,
والدليل على ذلك ما قام به علماء الإسلام بالترجمة لكتب العلوم في العصر
الذهبي للدولة الإسلامية , والبحث العلمي في جميع أصول المعرفة سواء
الرياضية في الجبر والهندسة أو العلوم الكيمائية أو الطبية أو علم الفلك من
نجوم وكواكب أو الجغرافية أو التاريخية والشريعة والقانون..


فتفوق المسلمون الأوائل في العلوم الصناعية في كافة المجالات مثل صناعة
السفن والأساطيل البحرية وإنشاء الترع والسدود و إنشاء المدن وما ترتب
عليها من مرافق وإضاءة...
وهذا الكلام ليس كلام إنشائي بل بالدليل القاطع من القرآن العظيم , وإليكم بعض العلوم التي تضمنتها الآيات في صدر سورة النحل.

1-علوم السماوات والارض

خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ – 3

خلق الله السموات والأرض بالحق , ليستدِل بهما العباد على عظمة خالقهما,
وأنه وحده المستحق للعبادة , تنزَّه - سبحانه - وتعاظم عن شركهم .

2 – العلوم الخاصة بجسد الإنسان

خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ – 4

وقال تعالى في سورة المؤمنون

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ – 12
ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ – 13
ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً
فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ
أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ –
14
ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ – 15
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ -16



ويدرك المتخصصون في العلوم الطبية مدى دقة هذه الآيات التي سبقت كل الإكتشافت الحديثة في علم الأجنة.


3 - العلوم الخاصة بالثروة الحيوانية

وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ – 5
وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ – 6
وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ – 7

والأنعامَ من الإبل والبقر والغنم خلقها الله لكم -أيها الناس- وجعل في
أصوافها وأوبارها الدفء, ومنافع أُخر في ألبانها وجلودها وركوبها, ومنها ما
تأكلون ...

قال تعالى :

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي
بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا
لِلشَّارِبِينَ – 66


4 – العلوم الخاصة بوسائل النقل والمواصلات

وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ – 7

وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ – 8

وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ – 9

وخلق لكم الخيل والبغال والحمير; لكي تركبوها, ولتكون جمَالا لكم ومنظرًا حسنًا .
ويخلق لكم من وسائل الركوب وغيرها ما لا عِلْمَ لكم به ..


فهذا بيان لكل مكتشف في وسائل النقل , فعلى الإنسان تطوير صناعة المواصلات ,
و على العلماء إستخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية في تسير تلك
المركبات بدلا من التلوث البيئي الذي نعاني منه ...

5 – العلوم الخاصة بالمياه والزراعة

هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ – 10
يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ
وَالأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ – 11

هو الذي أنزل لكم من السحاب مطرًا, فجعل لكم منه ماءً تشربونه, وأخرج لكم
به شجرًا تَرْعَوْن فيه دوابّكم, ويعود عليكم دَرُّها ونفْعُها.

يُخرج لكم من الأرض بهذا الماء الواحد الزروع المختلفة, ويُخرج به الزيتون
والنخيل والأعناب, ويُخرج به كل أنواع الثمار والفواكه. إن في ذلك الإخراج
لدلالةً واضحة لقوم يتأملون, فيعتبرون ....

6 – العلوم الخاصة بالفلك والفضاء

وَسَخَّرَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ – 12

وسخَّر لكم الليل لراحتكم, والنهار لمعاشكم , وسخَّر لكم الشمس ضياء ,
والقمر نورًا ولمعرفة السنين والحساب , وغير ذلك من المنافع , والنجوم في
السماء مذللات لكم بأمر الله لمعرفة الأوقات , والاهتداء بها في الظلمات.

7 - العلوم الخاصة بالثروات الباطنة في الأرض
من معادن وبترول وغيرها .


وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ - 13

تلفتنا الآيات إلى التنقيب عن المعادن وجميع الثروات التي سخرها الله تعالى لنا في باطن الأرض ...
وسخَّر ما خلقه لكم في الأرض من الدوابِّ والثمار والمعادن, وغير ذلك مما
تختلف ألوانه ومنافعه. إن في ذلك الخَلْق واختلاف الألوان والمنافع لَعبرةً
لقوم يتعظون , ويعلمون أنَّ في تسخير هذه الأشياء علاماتٍ على وحدانية
الله تعالى وإفراده بالعبادة ...

8 – علوم البحار


وما يخرج منها من ثروات , وما تحمله من السفن والمركبات والغواصات..

وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ
لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً
تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ
فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ – 14

تلفتنا الآيات إلى قيمة الثروة السمكية التي لو استغلت لم ترى جائعا على
وجه الأرض . فهي ثروة مجانية في البحار والأنهار ولكن علينا الهمة والسعي
لكي نحصل عليها .....


وهو الذي سخَّر لكم البحر , لتأكلوا مما تصطادون من سمكه لحمًا طريًا ,
وتستخرجوا منه زينة تَلْبَسونها كاللؤلؤ والمرجان , وترى السفن العظيمة تشق
وجه الماء تذهب وتجيء , وتركبونها , لتطلبوا رزق الله بالتجارة والربح
فيها , ولعلكم تشكرون لله تعالى على عظيم إنعامه عليكم, فلا تعبدون غيره
...

9 - علوم البيئة


التي تبحث في طبيعة الأرض والجبال والسهول والوديان والانهار والمسالك والطرق ..

وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ – 15

وأرسى في الأرض جبالا تثبتها حتى لا تميل بكم , وجعل فيها أنهارًا ,
لتشربوا منها , وجعل فيها طرقًا , لتهتدوا بها في الوصول إلى الأماكن التي
تقصدونها ...

10 - علوم الفلك و النجوم
ومواقعها العظيمة ..


التي تحدد معالم الاتجاهات في الليل وفي الصحاري الواسعة والمحيطات المائية الكبيرة ...

وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ – 16

وجعل في الأرض معالم تستدلُّون بها على الطرق نهارًا, كما جعل النجوم
للاهتداء بها ليلا. وأيضا للمزيد من المعلومات علينا بالبحث العلمي ..

هل أدركنا شمول رسالة الله تعالى للحياة كلها ؟ وهل يستطيع مكابر بعد هذه الأدلة أن ينحي الدين عن الحياة الواقعية ؟

قال تعالى في سورة يونس :
هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً
وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ
وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ
الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ – 5
إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ – 6



*******
هل أدركنا أهمية العلم والبحث العلمي في ظل عقيدة التوحيد..


فرسالة الإسلام هي سياج الأمان من إنحراف الحضارات , فبدون مبادئ الإيمان تشتعل الحروب ويروج لها تجار السلاح..


قال تعالى:
كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا
لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ
– 64 المائدة

ولكن في ظل عقيدة الإسلام , قال تعالى :

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي
الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ
يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
– 90 النحل


********